إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
  

841 ـ الإمام يحيى حميد الدين: (1286 ـ 1367هـ) (1869ـ 1948م)

ملك اليمن، الإمام المتوكل على الله ابن المنصور بالله، من أئمة الزيدية.

ولد في صنعاء، وتفقه وتأدب بها. وخرج منها مع أبيه إلى صعده سنه 1307هـ، وولى الإمامة بعد وفاة أبيه سنة 1322هـ، وكانت صنعاء في أيدي الأتراك (العثمانيين) فهاجمها وحاصرها، فاستسلمت حاميتها، ودخلها، فهاجم الأتراك، وانسحب منها رأفة بأهلها. وواصل القتال إلى عام 1326هـ شمالي صنعاء وبلاد ذمار، وكان الوالي التركي أحمد فيضي باشا، عنيفاً وقاسياً، فَعُزِلَ أحمد فيضي، وعين والي آخر هو حسن تحسين باشا، وكان عاقلاً فاتفق مع الإمام يحيى على أن لا يعتدي أحدهما على الآخر، وهدأت المعارك، وفي عام 1328هـ عُزِلَ حسن تحسين، وعُيّنَ والي جديد اسمه محمد علي باشا، وكان لا يقل قسوة عن أحمد فيضي، فعادت الثورة، وحوصر الأتراك في صنعاء. فأرسلت حكومة الأستانة وفداً برئاسة عزت باشا، واتفق مع الأمام يحيى، ووقعا شروطاً للصلح، وانتهى الأمر بجلاء الترك عن البلاد اليمنية عام 1336هـ. ودخل الأمام يحيى صنعاء، وخلص له ملك اليمن استقلالاً، وأصبح مسيطراً على كل شيء. وقال أحد الكتاب في وصفه أنه هو (كل شيء في اليمن، ومرجع كل أمر، دق أو جل، وما عداه من موظفين وعمال وعسكريين وحكام، أشباح وشخوص لا سلطان لها ولا رأى، وكان يرى الاستبداد في الحكم خيراً من الشورى). وضاقت صدور بعض أبنائه وخاصته وفيهم الطامع بالعرش، والمتذمر من سياسة القمع، والراغب بالإصلاح، فتألفت جماعات في السر، تظهر له الإخلاص وتبطن له نقيضه. وعلى رأس هؤلاء أقرب الناس إلي عبدالله بن أحمد، المعروف بابن الوزير.

وكان للإمام يحيى ولد يدعى إبراهيم خرج عن طاعته، ولجأ إلى عدن وجعل يندد بأبيه، وبمساوئ الحكم في عهده وكان هذا الابن على اتصال بعبد الله بن أحمد (المعروف بابن الوزير). وعندما مرض الأمام يحيى، وصل خبر لابنه إبراهيم بأن والده مات، وكان الإمام يحيى مازال حياً فتعجل إبراهيم وأرسل لأنصاره بمصر يذكر لهم موت أبيه، وأن الحكم أصبح (دستورياً)، وذكر لهم أسماء رجال الدولة الجديدة وهم ابن الوزير وجماعته. وشفى الإمام يحيى من مرضه، وانكشفت له صلتهم بابنه. فخافوا بطشه، فأتمروا به، وعندما خرج الإمام يحيى بسيارته ليتفقد مزرعته التي تبعد عن صنعاء 8 كيلو مترات في طريق الحُدَيّدَة، فاجأه بعض أتباع ابن الوزير بسيارة وانهالوا عليه برصاصهم، فقتلوه ومعه رئيس وزرائه، القاضي العمري، ودفن في مقبرة كان أعدها لنفسه، وخلف الإمام يحيى 14 ولداً يلقبون بسيوف الإسلام.

كان شديد الحذر من الأجانب وآثر العزلة والانكماش في حدود بلاده. وكان من كلامه المأثور عنه قوله (لأن تبقى بلادي خربة وهي تحكم نفسها، أولى من أن تكون عامرة ويحكمها أجنبي)، وكان له اشتغال بالأدب، ونظم كثير.